حين حاول الجاحظ تفسير منابت الموهبة الشعرية ذهب إلى أن إرجاع النبوغ أو انعدامه في الناس إلى الشروط الاجتماعيّة تصوّر مُضلٌّ. فالمسألة راجعة إلى خبايا في النفس البشرية تفلت من قبضة العقل، وطريق الشعر، في نظره، مليئة بالمفاجآت السعيدة وبالرزايا أيضا. فالشاعر الذي خبر مضايق الشعر قد تنكفئ ملكة الشعر لديه، ويحظى غيره بتلك العطيّة. لذلك ألحّ الجاحظ على أنه لا يعلم أسباب ذلك إلاّ مُقلّب الليل والنهار. يظلّ هذا الرأي، على ما فيه من احتماء بالغيب، رأيا ثاقبا إذ يكفي أن نتلفّت إلى حال الشعر مع الشعراء وسيتبيّن أن للشعر على الشاعر سلطانا. عديدون هم الشعراء الذين هجرهم الشعر لكنهم أصرّوا على مواصلة الكتابة فاقتادوا خطاهم على درب الاجترار. وعديدون هم الشعراء الذين جنّبوا أنفسهم، عن قصد أو دون اختيار، هذه المهالك.ا
عاش الشابي مفتونا بالشعر إلى درجة أننا قلّ أن نعثر على مذكّرة من مذكراته لم يخلع فيها على نفسه لقب الشاعر. لكنه توفي وهو لم يتخطّ بعد الثامنة والعشرين. ومن المحتمل أن الموت هو الذي جنّبه مغبّة التكرار. وعلى هذا جريان حكاية هولدرلين مع الشعر فلقد اختطفه ليلُ الجنون قبل أن يتردّى في منطقة الخطر. أما حكاية كولريدج ورامبو فجديرة بالتملّي إذ من المتعارف عليه أن كولريدج قد اكتوى بنار الشعر طيلة خمس سنوات ثم كان أن أطلق صرخته الشهيرة: ”إنني أفكّر أكثر مما هو مطلوب من الشاعر أن يفعل”. ثم هجر الشعر درْءاً لمحنة التكرار. وهذه هي حال رامبو أيضا فلقد كتب جميع أشعاره في مدّة لم تتجاوز الأربع سنوات ثم هجر الشعر واختار التجارة والمغامرة. وسواء اختار الشاعر أن يتوقّف عن الكتابة بمحض إرادته أو أرغم على ذلك فإنه يظلّ ممّن وقّوا أنفسهم منطقة الخطر.ا
إن عدد الشعراء الذين نجحوا في تخطّي هذه العتبة قليلون جدّا. ولعل من أبرزهم شاعر البدايات محمود درويش. كانت طريق الشعر عنده هي طريق التحوّلات والبدايات. ففي كلّ مرّة يقع الإجماع على أن درويش صار يعيد نفسه يحدث التحوّل ويبدأ الشاعر بداية جديدة. كان ديوان ”تلك صورتها وهذا انتحار العاشق” عتبة وفاتحة لمرحلة جديدة تخطّى فيها الشاعر منجزاته القديمة ثم عمّق عملية التخطي تلك في مجموعة ”أحبك أو لا أحبك”.ا
ولنا أن نعدّ مجموعة ”حصار لمدائح البحر” بمثابة بداية جديدة صارمة. ثم تلت هذه البداية بداية أخرى جسدتها مجموعة ”ورد أقل” ثم جاءت مجموعة ”لماذا تركت الحصان وحيدا” لتفتتح قدّام الشعر آفاقا لا عهد له بمثلها. ولنا أن نعتبر المجموعات الأخيرة ”الجدارية” و”كزهر اللوز أو أبعد” و”أثر الفراشة” بداية مفتوحة على قصيدة الوداع الأخير ”سناريو جاهز” فهي جميعا تجسّد نشيدا يرفع تمجيدا للعدم ومحاولة لتدجين الرعب الأعظم: رعب الوجود.ا
حين حاول الجاحظ تفسير منابت الموهبة الشعرية ذهب إلى أن إرجاع النبوغ أو انعدامه في الناس إلى الشروط الاجتماعيّة تصوّر مُضلٌّ. فالمسألة راجعة إلى خبايا في النفس البشرية تفلت من قبضة العقل، وطريق الشعر، في نظره، مليئة بالمفاجآت السعيدة وبالرزايا أيضا. فالشاعر الذي خبر مضايق الشعر قد تنكفئ ملكة الشعر لديه، ويحظى غيره بتلك العطيّة. لذلك ألحّ الجاحظ على أنه لا يعلم أسباب ذلك إلاّ مُقلّب الليل والنهار. يظلّ هذا الرأي، على ما فيه من احتماء بالغيب، رأيا ثاقبا إذ يكفي أن نتلفّت إلى حال الشعر مع الشعراء وسيتبيّن أن للشعر على الشاعر سلطانا. عديدون هم الشعراء الذين هجرهم الشعر لكنهم أصرّوا على مواصلة الكتابة فاقتادوا خطاهم على درب الاجترار. وعديدون هم الشعراء الذين جنّبوا أنفسهم، عن قصد أو دون اختيار، هذه المهالك.ا
عاش الشابي مفتونا بالشعر إلى درجة أننا قلّ أن نعثر على مذكّرة من مذكراته لم يخلع فيها على نفسه لقب الشاعر. لكنه توفي وهو لم يتخطّ بعد الثامنة والعشرين. ومن المحتمل أن الموت هو الذي جنّبه مغبّة التكرار. وعلى هذا جريان حكاية هولدرلين مع الشعر فلقد اختطفه ليلُ الجنون قبل أن يتردّى في منطقة الخطر. أما حكاية كولريدج ورامبو فجديرة بالتملّي إذ من المتعارف عليه أن كولريدج قد اكتوى بنار الشعر طيلة خمس سنوات ثم كان أن أطلق صرخته الشهيرة: ”إنني أفكّر أكثر مما هو مطلوب من الشاعر أن يفعل”. ثم هجر الشعر درْءاً لمحنة التكرار. وهذه هي حال رامبو أيضا فلقد كتب جميع أشعاره في مدّة لم تتجاوز الأربع سنوات ثم هجر الشعر واختار التجارة والمغامرة. وسواء اختار الشاعر أن يتوقّف عن الكتابة بمحض إرادته أو أرغم على ذلك فإنه يظلّ ممّن وقّوا أنفسهم منطقة الخطر.ا
إن عدد الشعراء الذين نجحوا في تخطّي هذه العتبة قليلون جدّا. ولعل من أبرزهم شاعر البدايات محمود درويش. كانت طريق الشعر عنده هي طريق التحوّلات والبدايات. ففي كلّ مرّة يقع الإجماع على أن درويش صار يعيد نفسه يحدث التحوّل ويبدأ الشاعر بداية جديدة. كان ديوان ”تلك صورتها وهذا انتحار العاشق” عتبة وفاتحة لمرحلة جديدة تخطّى فيها الشاعر منجزاته القديمة ثم عمّق عملية التخطي تلك في مجموعة ”أحبك أو لا أحبك”.ا
ولنا أن نعدّ مجموعة ”حصار لمدائح البحر” بمثابة بداية جديدة صارمة. ثم تلت هذه البداية بداية أخرى جسدتها مجموعة ”ورد أقل” ثم جاءت مجموعة ”لماذا تركت الحصان وحيدا” لتفتتح قدّام الشعر آفاقا لا عهد له بمثلها. ولنا أن نعتبر المجموعات الأخيرة ”الجدارية” و”كزهر اللوز أو أبعد” و”أثر الفراشة” بداية مفتوحة على قصيدة الوداع الأخير ”سناريو جاهز” فهي جميعا تجسّد نشيدا يرفع تمجيدا للعدم ومحاولة لتدجين الرعب الأعظم: رعب الوجود.ا
حين حاول الجاحظ تفسير منابت الموهبة الشعرية ذهب إلى أن إرجاع النبوغ أو انعدامه في الناس إلى الشروط الاجتماعيّة تصوّر مُضلٌّ. فالمسألة راجعة إلى خبايا في النفس البشرية تفلت من قبضة العقل، وطريق الشعر، في نظره، مليئة بالمفاجآت السعيدة وبالرزايا أيضا. فالشاعر الذي خبر مضايق الشعر قد تنكفئ ملكة الشعر لديه، ويحظى غيره بتلك العطيّة. لذلك ألحّ الجاحظ على أنه لا يعلم أسباب ذلك إلاّ مُقلّب الليل والنهار. يظلّ هذا الرأي، على ما فيه من احتماء بالغيب، رأيا ثاقبا إذ يكفي أن نتلفّت إلى حال الشعر مع الشعراء وسيتبيّن أن للشعر على الشاعر سلطانا. عديدون هم الشعراء الذين هجرهم الشعر لكنهم أصرّوا على مواصلة الكتابة فاقتادوا خطاهم على درب الاجترار. وعديدون هم الشعراء الذين جنّبوا أنفسهم، عن قصد أو دون اختيار، هذه المهالك.ا
عاش الشابي مفتونا بالشعر إلى درجة أننا قلّ أن نعثر على مذكّرة من مذكراته لم يخلع فيها على نفسه لقب الشاعر. لكنه توفي وهو لم يتخطّ بعد الثامنة والعشرين. ومن المحتمل أن الموت هو الذي جنّبه مغبّة التكرار. وعلى هذا جريان حكاية هولدرلين مع الشعر فلقد اختطفه ليلُ الجنون قبل أن يتردّى في منطقة الخطر. أما حكاية كولريدج ورامبو فجديرة بالتملّي إذ من المتعارف عليه أن كولريدج قد اكتوى بنار الشعر طيلة خمس سنوات ثم كان أن أطلق صرخته الشهيرة: ”إنني أفكّر أكثر مما هو مطلوب من الشاعر أن يفعل”. ثم هجر الشعر درْءاً لمحنة التكرار. وهذه هي حال رامبو أيضا فلقد كتب جميع أشعاره في مدّة لم تتجاوز الأربع سنوات ثم هجر الشعر واختار التجارة والمغامرة. وسواء اختار الشاعر أن يتوقّف عن الكتابة بمحض إرادته أو أرغم على ذلك فإنه يظلّ ممّن وقّوا أنفسهم منطقة الخطر.ا
إن عدد الشعراء الذين نجحوا في تخطّي هذه العتبة قليلون جدّا. ولعل من أبرزهم شاعر البدايات محمود درويش. كانت طريق الشعر عنده هي طريق التحوّلات والبدايات. ففي كلّ مرّة يقع الإجماع على أن درويش صار يعيد نفسه يحدث التحوّل ويبدأ الشاعر بداية جديدة. كان ديوان ”تلك صورتها وهذا انتحار العاشق” عتبة وفاتحة لمرحلة جديدة تخطّى فيها الشاعر منجزاته القديمة ثم عمّق عملية التخطي تلك في مجموعة ”أحبك أو لا أحبك”.ا
ولنا أن نعدّ مجموعة ”حصار لمدائح البحر” بمثابة بداية جديدة صارمة. ثم تلت هذه البداية بداية أخرى جسدتها مجموعة ”ورد أقل” ثم جاءت مجموعة ”لماذا تركت الحصان وحيدا” لتفتتح قدّام الشعر آفاقا لا عهد له بمثلها. ولنا أن نعتبر المجموعات الأخيرة ”الجدارية” و”كزهر اللوز أو أبعد” و”أثر الفراشة” بداية مفتوحة على قصيدة الوداع الأخير ”سناريو جاهز” فهي جميعا تجسّد نشيدا يرفع تمجيدا للعدم ومحاولة لتدجين الرعب الأعظم: رعب الوجود.ا
حين حاول الجاحظ تفسير منابت الموهبة الشعرية ذهب إلى أن إرجاع النبوغ أو انعدامه في الناس إلى الشروط الاجتماعيّة تصوّر مُضلٌّ. فالمسألة راجعة إلى خبايا في النفس البشرية تفلت من قبضة العقل، وطريق الشعر، في نظره، مليئة بالمفاجآت السعيدة وبالرزايا أيضا. فالشاعر الذي خبر مضايق الشعر قد تنكفئ ملكة الشعر لديه، ويحظى غيره بتلك العطيّة. لذلك ألحّ الجاحظ على أنه لا يعلم أسباب ذلك إلاّ مُقلّب الليل والنهار. يظلّ هذا الرأي، على ما فيه من احتماء بالغيب، رأيا ثاقبا إذ يكفي أن نتلفّت إلى حال الشعر مع الشعراء وسيتبيّن أن للشعر على الشاعر سلطانا. عديدون هم الشعراء الذين هجرهم الشعر لكنهم أصرّوا على مواصلة الكتابة فاقتادوا خطاهم على درب الاجترار. وعديدون هم الشعراء الذين جنّبوا أنفسهم، عن قصد أو دون اختيار، هذه المهالك.ا
عاش الشابي مفتونا بالشعر إلى درجة أننا قلّ أن نعثر على مذكّرة من مذكراته لم يخلع فيها على نفسه لقب الشاعر. لكنه توفي وهو لم يتخطّ بعد الثامنة والعشرين. ومن المحتمل أن الموت هو الذي جنّبه مغبّة التكرار. وعلى هذا جريان حكاية هولدرلين مع الشعر فلقد اختطفه ليلُ الجنون قبل أن يتردّى في منطقة الخطر. أما حكاية كولريدج ورامبو فجديرة بالتملّي إذ من المتعارف عليه أن كولريدج قد اكتوى بنار الشعر طيلة خمس سنوات ثم كان أن أطلق صرخته الشهيرة: ”إنني أفكّر أكثر مما هو مطلوب من الشاعر أن يفعل”. ثم هجر الشعر درْءاً لمحنة التكرار. وهذه هي حال رامبو أيضا فلقد كتب جميع أشعاره في مدّة لم تتجاوز الأربع سنوات ثم هجر الشعر واختار التجارة والمغامرة. وسواء اختار الشاعر أن يتوقّف عن الكتابة بمحض إرادته أو أرغم على ذلك فإنه يظلّ ممّن وقّوا أنفسهم منطقة الخطر.ا
إن عدد الشعراء الذين نجحوا في تخطّي هذه العتبة قليلون جدّا. ولعل من أبرزهم شاعر البدايات محمود درويش. كانت طريق الشعر عنده هي طريق التحوّلات والبدايات. ففي كلّ مرّة يقع الإجماع على أن درويش صار يعيد نفسه يحدث التحوّل ويبدأ الشاعر بداية جديدة. كان ديوان ”تلك صورتها وهذا انتحار العاشق” عتبة وفاتحة لمرحلة جديدة تخطّى فيها الشاعر منجزاته القديمة ثم عمّق عملية التخطي تلك في مجموعة ”أحبك أو لا أحبك”.ا
ولنا أن نعدّ مجموعة ”حصار لمدائح البحر” بمثابة بداية جديدة صارمة. ثم تلت هذه البداية بداية أخرى جسدتها مجموعة ”ورد أقل” ثم جاءت مجموعة ”لماذا تركت الحصان وحيدا” لتفتتح قدّام الشعر آفاقا لا عهد له بمثلها. ولنا أن نعتبر المجموعات الأخيرة ”الجدارية” و”كزهر اللوز أو أبعد” و”أثر الفراشة” بداية مفتوحة على قصيدة الوداع الأخير ”سناريو جاهز” فهي جميعا تجسّد نشيدا يرفع تمجيدا للعدم ومحاولة لتدجين الرعب الأعظم: رعب الوجود.ا